[color=cyan][size=24]بسم اللة الرحمن الرحيم
الحدود الجغرافية
س: هل يعترف الإسلام بالحدود الجغرافية؟
ج: نعم، يعترف بالحدود الجغرافية التي بين بلاد الإسلام وبلاد الكفر، بمعناها الصحيح، وأما البلاد الإسلامية فلا حدود بينها.
لأن الأمة الإسلامية أمة واحدة والبلاد الإسلامية بلد واحد، قال تعالى: ((وإن هذه أمتكم أمة واحدة))[1].
وقال سبحانه: ((إنما المؤمنون إخوة))[2].
وقال (صلى الله عليه وآله): «المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم هم يد على من سواهم»[3].
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد...»[4].
وسيكون التعامل مع مختلف الدول الإسلامية والمسلمين تعامل الدولة مع شعبها الواحد، في إطار الإخوة والحرية.
وأما التعامل بالنسبة إلى بلاد الكفر فبالتي هي أحسن وحسب قانون الإلزام، و (تبادل المصالح) والمعاهدات المشروعة، قال تعالى: ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم))[5].
إزالة الحدود
س: إذن كيف يُتعامل مع هذه الحدود الجغرافية؟
ج: يجب إزالتها من الوجود، فإنها بدعة مصطنعة وأشياء وهمية لا أساس لها في الإسلام، وقد جاء بها الاستعمار ليمزق بها جسد الأمة الواحدة عبر الإقليمية فيسهل السيطرة عليها، فـ ((أرض الله واسعة))[6] لا تحدها حدود، فمن اللازم السعي لإزالتها بالطرق السلمية وعبر نشر الوعي.
لا فوضى في ذلك
س: ألا تستدعي إزالة الحدود الفوضى والهرج والمرج؟
ج: كلا، كما لم تكن فوضى في القرون الماضية وقبل جعل الحدود، وكما لوحظ ذلك في عدة دول، فقد تم إزالة الحدود بين ولايات الهند، وكذلك بين الدول الأوروبية ولم توجب الفوضى..
ومتى ما أحسنا التصرف وحكمنا العقل واتخذنا سياسة السلم ونبذنا العنف فستكون النتيجة طيبة ومرضية بإذن الله تعالى، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه»[7].
الوسائل والآليات
س: ما هي الوسائل الممكنة لهذا العمل؟
ج: يمكن ذلك عبر متابعة القادة ورؤساء الدول الإسلامية بالجلوس إلى طاولة المحادثات واتخاذ القرارات المناسبة والعملية لذلك، والاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال، فأوروبا مثلاً كيف استطاعت من توحيد دولها وتأسيس السوق الأوروبية المشتركة وأخيراً إصدار العملة الموحدة، وكذلك غاندي في الهند.. وما نحن بأقل من هؤلاء بل لدينا من مقومات الوحدة الكثير، الدين، الأرض، التاريخ، الثقافة، وغيرها، بعد الاتكال على الله عزوجل في تسديد الخطى، قال تعالى: ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))[8].
المسلم في البلد الإسلامي
س: هل يعتبر المسلم الذي ولد في بلد آخر أجنبياً؟
ج: كلا، فالمسلمون إخوة، والمسلم أينما كان وفي أية بقعة من بلاد الإسلام يعتبر من أهل ذلك البلد، ولا فرق بين بلد إسلامي وبلد إسلامي آخر.
فالمؤمنون اخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وفي الحديث الشريف:
«أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى»[9].
فميزان التفاضل عند الله هو التقوى، قال تعالى: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم))[10].
الأخوة الإسلامية
س: وضحوا لنا ذلك؟
ج: بناء على قانون الأخوة الإسلامية، فالمسلم في أي بلد كان متساوٍ أمام القانون الإسلامي، له ما لسائر المسلمين، وعليه ما عليهم، فيستطيع شراء الأرض وسائر الممتلكات المنقولة وغير المنقولة ويتمكن من إحياء الأراضي بالزراعة والعمارة وما أشبه، أو يقوم بالتجارة وكافة المعاملات الأخرى، وكذلك يمكنه أن يتزوج منهم أو يزوجهم، فهو بمثابة أي فرد من أهل ذلك البلد، وهذه هي الإخوة الإسلامية بمعناها الصحيح التي أرادها الله لنا.
وقد قام الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) عند دخوله المدينة المنورة بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في خطوة منه (صلى الله عليه وآله) لبناء المجتمع الواحد الذي تذوب فيه الأنانيات، ويكون المعيار الوحيد فيه هو التقوى والعمل الصالح، وكذلك نرى كيف استقبل الأنصار هذه الخطوة وآثروا إخوانهم المهاجرين بكل ما يملكون «فكان إذا بعث (صلى الله عليه وآله) أحداً من أصحابه في غزاة أو سرية يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين ويقول: خذ ما شئت وكل ما شئت، وكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت فأنزل الله ((ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً)) يعني حضر أو لم يحضر، إذا ((ملكتم مفاتحه))[11]»[12].
كما أن بعض الأنصار كان يطلق إحدى زوجاته ليتزوج بها المهاجر، وبهذه الروح المباركة تمكن المسلمون من نشر مبادئ الدين الحنيف.
الحكومة الواحدة
س: كيف يتمكن المسلمون، السنة والشيعة معاً من تشكيل الحكومة الواحدة الإسلامية، والتي يمتد شعاعها ليشمل كافة المسلمين، حيث يبلغ تعدادهم مليار وستمائة مليون نسمة[13]؟
ج: يمكن ذلك عبر طريق تشكيل (المجلس الإسلامي الأعلى) حيث تأخذ نسبة تواجد المسلمين (السنة والشيعة) بنظر الاعتبار، مثلاً عشرة أشخاص من كل مجموعة، فإذا كان الحكم يتعلق بالشيعة يؤخذ برأي أكثرية هذه العشرة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السنة.
أما إذا كان الحكم يتعلق بالمسلمين كافة فيؤخذ برأي الأكثرية من السنة والشيعة معاً، فان الحكم في الإسلام ليس استبدادياً بل مبتنياً على التفاهم والحوار الهادف والتأكيد على مبدأ الشورى والاستشارة الدائمة.
وهو نص صريح، نطق به القرآن الكريم، حيث قال عزوجل: ((وأمرهم شورى بينهم))[14].
وقال تعالى: ((وشاورهم في الأمر))[15].
وذلك لكي تُضمن سلامة اتخاذ القرار وعدم تدخل الأهواء فيه، ومداراة الأفراد من صنّاع القرار، وكذلك إشراك والأخذ برأي ذوي الاختصاص منهم، كل في مجال اختصاصه.
الانتخابات الحرة
س: هل يعترف الإسلام بالانتخابات الحرة؟
ج: نعم، فمرجع المسلمين الأعلى والذي بيده ناصية الحكم، يتم تعيينه عن طريق انتخاب الأمة بعد إعطاء رأيها له، وكذلك شورى الفقهاء المراجع إن كان المرجع أكثر من واحد.
فالقائد ـ بالنسبة لغير المعصوم (عليه السلام) ـ ينتخب برأي الأمة مضافاً إلى الشرائط التي قررها الإسلام والتي يجب توفرها فيه.
الحكم في الإسلام
س: هل الحكم في الإسلام فردي أو شورى؟
ج: الحكم شورى، يعني إذا كان للأمة أكثر من مرجع تقليد، فيجب إشراك الجميع في الحكومة على نحو الاستشارة، وما قررته الأكثرية منهم يلزم الأخذ والعمل به.
فلا يعترف الإسلام بالاستبداد والتسلط الديكتاتوري، وإنما الحاكم من الشعب والى الشعب، يرعى مصالحهم ويطمئن إلى أحوالهم، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أ أقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش...»[16].
ويكون القائد كأحدهم، فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأحد المسلمين، يجلس بين أصحابه (ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية)[17] لا يتميز عنهم، حتى أن الغريب القادم لا يعرفه.
شورى الفقهاء المراجع
س: ما هي شورى الفقهاء المراجع؟
ج: كل مسلم لم يصل إلى مرحلة الاجتهاد عليه أن يقلد مرجعاً جامعاً للشرائط المذكورة في الرسائل العملية، وبما أنه لا نيابة خاصة في عصر غيبة الإمام المهدي المنتظر„ بل الفقهاء المراجع هم وكلاء للإمام „ فيلزم على مراجع التقليد أن ينضموا تحت (مجلس شورى الفقهاء المراجع) ويمارسوا إدارة البلاد الإسلامية حسب رأي الأكثرية، فإذا ما توفى أحدهم، أو فقد شرط العلم أو العدالة في واحد من هؤلاء المراجع، فعلى مقلديه أن يختاروا مرجعاً آخر يحل محل المرجع المتوفى أو الفاقد للشروط، ويكون ذلك بإشراف المجلس الاستشاري وموافقة شورى الفقهاء المراجع، وبهذه الصورة نضمن استمرار الحكومة وقيادتها الشرعية وسوف لن يكون هناك خلل أو فراغ في مسألة الإدارة العليا، وهذه الصورة هي مصداق عملي لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اللهم ارحم خلفائي، قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال (صلى الله عليه وآله): الذين يأتون بعدي يروون حديثي وسنتي»[18] وتفصيل هذا البحث في (الفقه)[19].
ولاية الفقيه
س: إذا استفرد أحد الفقهاء بولاية الفقيه هل تجب طاعته؟
ج: الولاية لشورى الفقهاء المراجع.
س: هل تكون ولاية الفقيه مطلقة؟
ج: كلا، وإنما الولاية لشورى الفقهاء وفي الإطار الشرعي الذي حدده القرآن الكريم والسنة المطهرة المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام).
س: إذا استفرد أحد الفقهاء بولاية الفقيه وأصدر حكماً أو فتوى بعنوان حكم الحاكم، فهل تكون له الولاية على فقيه آخر؟
ج: لا ولاية لفقيه على فقيه آخر.
س: هل يجوز لفقيه جامع للشرائط أن يفرض سلطته على فقيه آخر جامع للشرائط؟
ج: كلا.
س: هل يشترط في شورى الفقهاء المراجع مضافاً إلى الشروط الفقهية أن تنتخبهم الأمة؟
ج: نعم، فالأمة لها رأيها فيمن سيأخذ بزمام الحكم.
الحرية أصل في الإسلام
س: هل كل شيء في الإسلام حر؟
ج: نعم، بشرط أن لا يكون محرماً، فللإنسان الحق في أن يختار أي شيء، أو يقول أي كلام، أو يفعل أي فعل، أو ما أشبه، حسب إرادته كما تقرر ذلك في العقل والشرع[20].
مضافاً إلى أن المحرمات عند المسلمين لا يؤخذ بها غير المسلمين في إطار قانون (الإلزام) على ما ذكرنا تفصيله في الفقه[21].
وأما الطوائف المذهبية غير المسلمة فهم أحرار في العمل بمعتقداتهم وشعائرهم فيما بينهم على أن لا يتجاهروا بالمنكرات.
الأحزاب الحرة
س: هل يعترف الإسلام بوجود الأحزاب؟
ج: نعم، فالأمة لها الحق في تشكيل الأحزاب، وكل فرد يستطيع الانتماء إلى أي حزب شاء، بشرط أن تكون هذه الأحزاب تحت إشراف الفقهاء المراجع. ويشترط في عملها أن لا يكون خلاف الإسلام باعتبار أن البلاد إسلامية وذات أكثرية مسلمة.
الأحزاب الوطنية
س: هل يسمح للأحزاب الوطنية بالعمل من أجل بناء وتقدم الوطن؟
ج: نعم، بشرط أن لا تخالف الإسلام، فالحزب الوطني إنما يريد بناء الوطن في مختلف أبعاد البناء: السياسة، الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك، وهذا مما لا بأس به.