بسم اللة الرحمن الرحيم
تعريف كراس الدولة الإسلامية رؤى وآفاق
هناك اتجاهان رئيسيان يمكن ملاحظتهما في سلوك الفقهاء، فمنهم من يسلك ـ في حركة المجتمع ـ نحو وعيٍّ شعبيٍّ لأهميةِ الشريعة الإسلامية، وضرورة بناء الحياة على أساسها، وضبط إيقاع حركة المجتمع وهدفها،على هدي هذه الشريعة، وبالتالي إقامة دولة إسلامية تحكمها شريعة الله تعالى.
ومن الفقهاء من يعيش مسؤلياته الإسلامية على شكل إعطاء فتاوى، والإجابة على إستفتاءات المستفتين بشكل فرديِّ، دون المبادرة وابتداء الناس بطرح المفاهيم الإسلامية عليهم بشكل فعّال، ودون أن يكون هناك طرحٌ للإسلام، أو لنظرة الإسلام تجاه جانب من جوانب الحياة، كالجانب السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ....الخ.
وهذان الاسلوبان في العمل متأتيان من خلفية فهم الإسلام من قبل الفقيه، أو قصور البعض عن العمل في أرض الواقع وإستخدام أدواته في الحركة، مما يضرًُّ (بشأنيته)، فالذي يفهم الإسلام على أنّه علاقةٌ فردية بين العبد وربه، لا ينظر الى الإنسان المجتمع أو المجتمع الإنساني، بعلاقاته المتشابكة ومصالحه المتضاربة، واحتياجاته الدائمة لتنظيم حياته التي تتعقد يوماً بعد يوم بسبب التطور الهائل والسريع في الجانب الاقتصادي والعلمي التكنلوجي، مما يترك أثراً كبيراً على عادات وتقاليد المجتمع، وحتى طريقة فهم الإنسان للحياة وممارسته لها، ولذلك تغيب الدولة ومؤسساتها ونظام الحكم وكل ما يخص الإنسان كمجتمع، عن دائرة إهتمام هذا النوع من الفقهاء.
أما النوع الذي يرى الإسلام على أنه الشريعة المتكاملة التي تنظم علاقات الإنسان الفرد بربه وبالفرد الآخر، وبالجماعة الإنسانيّة، وهذه بالجماعات الأخرى، وعلاقة كل هؤلاء بربهم، بل وحتى بالحيوانات والجمادات و....الخ وبالتالي ضرورة تشكيل الحياة وتنظيمها على أساس الشريعة، ومن هنا كان اهتمام هذا النوع من الفقهاء بالدولة، فحاولوا صياغة ونظم أفكار الإسلام على شكل طرح رؤية للدولة ومؤسساتها.
وفي هذا الكراس(الدولة الإسلامية رؤى وآفاق) يعرض المجدد الثاني الامام الشيرازي(قدس سره) إلى جوانب عديدة من علاقات الإنسان الفرد والمجتمع فيما يخص الدولة ومؤسساتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومراكز القوى فيها، وتوزيع السلطة، وممن تأخذ شرعيتها؟ ومن يجب أن يكون على رأس السلطة؟ وما إلى ذلك من شؤون الدولة.